- محب منبجالمدير العام
عدد الرسائل : 72
تاريخ التسجيل : 02/05/2009
حوار مع الشاعرة السورية رشا عمران
الجمعة سبتمبر 17, 2010 2:12 am
حوار مع الشاعرة السورية رشا عمران
Posted: اغسطس 7, 2010 by بياع الخواتم in شعر
الوسوم:منوعات, بياع, مقالات, شعر, رشا،عمران, شاعرة, سورية, مدونة, الخواتم, أدب, أخبار, حلوة يابلدي, حوار
رشا عمران شاعرة تأخذك قصيدتها بهدوء إلى مناطق بعيدة تحاول خلالها أنت القارئ التعرف على تشكيلات نص فيه فرح وافتقاد، بكاء وحنين لأشياء كثيرة سقطت في زحمة الحياة.
قبل ان يجمعني معها هذا الحوار التقينا عبر الماسنجر مرات ومرات، وان كنت التقيت مع نصها الشعري قبل ذلك فتكونت بيننا علاقة صداقة .
قصيدة رشا عمران تحكي تجربتها مع الحياة والسفر والحب وحكايا الأصدقاء.
صدر لرشا عمران : *وجع له شكل الحياة.
* كأن منفاي جسدي.
* ظلك الممتد في أقصى حنيني.
* كجدار بلا نوافذ.
الشعر والكتابة
* لماذا تكتبين ؟
_ كثيرا ما سألت نفسي هل أنا أكتب بحثا عن توازن ما أم اكتب لأن الشعر يحقق لي عالمي المختلف أم أكتب لأن في فعل الكتابة متعة آسرة و أنا المرأة الغريزية التي ترى أن الحل الوحيد لنسيان كم هي الحياة قصيرة هو التمتع بكل لحظة تعبر ؟؟ ظننت لفترات أن الشعر قد يصالحني مع الموت و لكنني اكتشفت أنني غير معنية بان يبقى ما أكتبه مادمت أنا سأغادر نحو ذلك المجهول الذي يحاول الجميع تجنبه بلا طائل ،، ذلك المرعب الذي لم يهزمه بشري .. ليبق ،، رائع إذا بقي ، و لكن بقائي إنا هو الأهم لي ،، و هذا طبعا ضرب من الوهم فقط لا أكثر و لا اقل ،،،، أكتب لأنني أعرف أن الشعر هو الوحيد القادر على حمايتي من نفسي ، من كآبتي ، من أزماتي ، من اقترابي من منطقة الانتحار التي اعتقد أنها موجودة في مكان خفي في الدماغ البشري و تتحين فرصتها للظهور ،، في هذا أيضا طالما تساءلت : لماذا ينتحر الشعراء ؟؟؟!!!!!!!.
* القصيدة اليوم تبحث عن تميزها ، ان تكون مغامرة ، تحمل نبض حياة جديدة في كل لحظة كتابة وكأنها تسعى إلى قطع علاقتها بكل ما حولها . كيف يمكن ان تعيش مثل هذه قصيدة في عالم متغير يقوم على تشابك علاقاته وتداخلها ؟
_ دعيني استخدم ( الشعر ) بدل ( القصيدة) .. الشعر الحقيقي هو الذي يطلع من الروح ، من اللاوعي ، من المناطق الغامضة في النفس ، هذا اللاوعي شكلته الهزيمة الأولى للإنسانية أقصد بها الموت ثم أعاد صياغته تراكم التفاصيل السوداء و البيضاء منذ الطفولة ثم استطاعت المعرفة و التجربة و الخبرة الشخصية و الجمعية إخفاءه مؤقتا و حين يظهر هذا اللاوعي فجأة فإن ظهوره هو مغامرة بحد ذاته ، الشعر أرقى حالات هذه المغامرة و لكنها مغامرة غير منعزلة عما حولها ، فالحاضر هو امتداد لما قبل و استمرار له بوعي معرفي جديد ،ليس دائما هذا الجديد أفضل هو يفترض ان يكون أكثر نضجا و تطورا و لكنه في حالتنا العربية على الأقل ليس هكذا ، إذا الشعر هو جزء من هذه الحالة به ما بها و إلا
لا يمكن أن يكون حقيقيا و الشعر الذي يعيش هو الشعر الحقيقي فقط .
أحيانًا/ شعرتُ أن وجهكَ/ لا يكفيني/ فكَّرتُ بكَ/ موتي الساخر بلا ملامح.
ما الذي أردتُه وأنا أدخل معكَ/ تلك العاصفة؟!/ كنتُ/ كَمَنْ يوقِف خديعة الحياة .
* في نصوص ديوانك ” ظلك الممتد في أقصى حنيني ” حضور كبير لثنائية الموت والحب ، العزلة والحنين ، الحضور والغياب .كشاعرة كيف تنظرين لهذه المسألة ؟ والى أي مدى يشاركك نصك هواجسك وتساؤلاتك ؟
_لا شيء يتحقق بالكامل ، دائما هناك نقصان ما، دائما هناك فقد بالمعنى المادي و الروحي الحب هو صورة أخرى لثنائية الموت و الحياة ما من حب جميل يستمر طويلا هو محكوم منذ بدايته بالبتر .
يبدأ الحب ثم يعيش زمنا ما طال أو قصر، ثم سينتهي تماما كالحياة هذا الشرط يضع الكائن في مواجهة وحشة وجودية مريرة ، هذه الوحشة تمنع عنه التآلف و الانتماء و سينحاز حتما إلى عزلته، لكن رغبة العيش التي لديه تخلق له وسائل البقاء ، الحنين إحدى هذه الوسائل ليس ( النوستالجيا) بل الحنين بمعناه الكوني ، الحنين الذي يبعد عن روحه الجفاف النوستالجيا تزيد عزلة الكائن ، الحنين يأخذه نحو مالم يتحقق لديه بعد و يغريه باكتشاف ما لم يعرف بعد .
الاكتشاف هو ماء الحياة ، الشعر ساحر و بهلوان ، يعرف كيف يواري و كيف يظهر يعرف أهمية هذه الثنائيات ، يعرف كيف يهيئ أدواته في رحلة الكشف و الاختبار .
الشعر قناص ماهر فجأة يدخل ذات الشاعر في لحظة شديدة الخصوصية ويفتح خزائنها المغلقة ثم يبدأ بإفراغها ليعيد ترتيبها لاحقا بعد استراحة قصيرة .
* في ديوانك ” معطف أحمر ” قدمت تجربة مختلفة عن “وجع له شكل الحياة ” و ” كأن منفاي جسدي ” هل لتجاربك ، إطلاعك ، ذاكرتك ، متغيرات الحياة علاقة بالموضوع ؟ ما الذي على نصك ان يقوله الآن وما الذي علي نصك ان يسمعه ؟
_ ما من كتابة تستمر و تتطور إذا لم ترفد بالثقافة و أعتقد ان هذه إحدى بديهيات الكتابة
و لكن هل الثقافة موجودة فقط بالكتب ؟!! ثمة ثقافة أخرى هي ثقافة الحياة ، ثقافة اليومي،ثقافة المعاش، أنا شخصيا و منذ مدة طويلة لم تعد الكتب وحدها مسقى ثقافتي ،
لم تعد عندي الرغبة اليومية بالقراءة و قراءاتي صارت انتقائية بطريقة أراها مزعجة لي أحيانا . ثقافتي حاليا مصدرها تجاربي في الحياة ، تجاربي في الصداقة ، تجاربي في الحب ، في السفر ، في معرفة بلدان جديدة و معرفة أشخاص جدد و معرفة ثقافات جديدة كل هذا مصادر للثقافة .
الحوارات المختلفة بين البشر مصدر للثقافة أنا من القائلين أن أية علاقة مع أي كائن و من أي نوع إن لم يتحقق فيها شرطان المتعة و الفائدة العقلية و الروحية ، فعدم وجودها أفضل لأنها تصبح نوعا من التسلية المجانية الفائدة التي أتحدث عنها هي بالنسبة لي حاليا مصدر مهم لرفد نصي الشعري تراكم كل هذا أقصد القراءة و التجارب على تنوعها و اختلافها يصبح جزءا مني و يحتل مساحة كبيرة من ذاكرتي التي ترفد يوميا بالجديد ، أحيانا أعتقد أن ثمة (غربال) في ذاكرتي يفرز ما يناسبني و يتخلص مما يزعجني بهذا المعنى الذاكرة تشبه صاحبها ، ذاكرتي أيضا أصبحت انتقائية ، ذائقتي أيضا نصي يجب أن يختزل كل هذا و يقوله يجب أن يتماهى معي ، أن يشبهني ، إن لم يشبهني فثمة مشكلة في العلاقة بيني بينه يجب أن يشبهني لا أن يشبه نفسه .
بمعنى آخر أنا امرأة متغيرة دائما ،أنا غير يقينية لهذا أنا دائمة القلق ، القلق هو ما يجعلني أغير قناعاتي ورؤيتي للعالم وفهمي للشعر و للكتابة ، نصي يجب أن يشبهني بكل مرحلة تغيير لا أن يشبه ما قبله أنا المنتجة للنص و ليس هو من ينتجني لذلك عليه هو أن يتبعني و عليه أن ينتبه لكل ما تجذبه ذائقتي لها . أعتقد أحيانا أن نصي مملوء حتى الثمالة بما قاله الآخرون و مع ذلك هو لا يشبه أحدا أبدا هو حصيلة كل ما قرأته وما عرفته و ما سمعته و لكنه مني ، يحمل مورثاتي ، له نفس جيناتي التي تجعله قلقا و مجنونا و هادئا و مستوحشا و غاضبا و عاشقا و راضيا مثلي .
ليس من اسم لهذا المكان /لا ملامح واضحة /ولا أثر لملمس أو خطوات / الفراغ فقط بقبضته الماردة/ يشدني إليه .
* من يقرأ رشا عمران يكتشف رغبتها في عدم إهمال تفاصيل حياة أمكنة وتراب وأشخاص مروا وأشياء كثيرة. ماذا تقولين ؟
_ تذهلني التفاصيل تلك التي قلما ينتبه إليها احد ،الحياة عموما مؤلفة من تجمع هذه التفاصيل ،هذه التفاصيل هي التي تمنح خصوصية الكائنات و خصوصية الأمكنة ،التفاصيل هي الملامح ،مكان بلا ملامح هو مكان مجرد ، شخص بلا ملامح هو مجرد شخص أيضا . والشعر حسب ما أراه هو عكس المجرد و ضده ، الشعر انحياز كامل للخصوصية ، يقضي وقته بالبحث عنها رافضا كل ما هو عام و كل ما هو شائع و كل ما هو رديف للمعتاد .
أنا المرأة التي اسمها رشا ، شكلتني التفاصيل التي أعطتني جيناتي ، و أنا أيضا ، الشاعرة التي اسمها رشا عمران التفاصيل هي من كونت ذائقتي و وعيي و ثقافتي كيف سأهملها في نصي الشعري إذا كنت أدعي أن نصي يشبهني ؟؟!!.
*عم يبحث الكاتب إذا لم يكن يبحث عن نفسه في الكتابة ؟ وهل تتفقين مع الرأي ان العمل الإبداعي ليس محض خيال ؟
_ لا اعرف من قال في القديم أن ( أعذب الشعر أكذبه ) الكذب هنا ليس الكتابة عما هو غير حقيقي أو عما هو مجرد وهم خالص و لا هو ادعاء ما ليس موجودا بالأساس ، بل هو إنتاج علاقات لغوية جديدة تشكل في تركيبها الجديد ما يشبه الخيال إذاً الكذب يكون في التخييل الشعري أو الإبداعي و لكن من أين سيأتي هذا العمل الذي سيشتغل عليه الخيال ؟؟ أليس من الواقع من أين ستأتي فكرة هذا العمل أو ذاك ؟؟ من الواقع حتما ،إذاً من يكتب هو يكتب نفسه أولا ومن يقرأ هذه الكتابة سيجد نفسه فيها أيضا .
ثمة أشياء مشتركة كثيرة بين البشر و هذه ستظهر في كل الكتابات ،عن نفسي أقول دائما أنني أضع حياتي على الطاولة و أنا اكتب , اغرف منها و أنثر ما غرفته فوق الورق الأبيض ، ما يعلق على بياض الورقة هذا هو الشعر .
عالمي بلا تعصب
* مما يتشكل العالم الذي تحلمين به ؟
_هو على الأقل عالم بلا قتل، بلا دماء، بلا استعراض للقوة ، بلا حقد مريض ،بلا تعصب لا ديني و لا طائفي ولاعرقي ولاعقائدي ولا من أي نوع… مشكلة العالم الحالية هي بالتعصب ، التعصب هو الذي أوصل العالم إلى ما هو فيه من بشاعة ، التعصب يجعل صاحبه يظن أنه المالك الوحيد و الحصري للحقيقة والآخرون أغبياء ومرتدون لأنهم لا يعتقدون بالحقيقة التي يعرضها هذا المالك و بالتالي هم حتما أعداء والعدو يقتل ،أمريكا فعلت هذا ،الجماعات المتطرفة في العالمين الإسلامي و المسيحي فعلت هذا ، هكذا أحلم أن يكون العالم ، عالم بلا تعصب ، بلا قتل ، بلا أجساد شوهها الحقد ، بلا جوع ، بلا خوف ،بلا أطفال تستخدم لتحقيق مآرب قذرة ، عالم خال من كل هذا ، هو عالم جميل و مشتهى .
الوسوم:منوعات, بياع, مقالات, شعر, رشا،عمران, شاعرة, سورية, مدونة, الخواتم, أدب, أخبار, حلوة يابلدي, حوار
رشا عمران شاعرة تأخذك قصيدتها بهدوء إلى مناطق بعيدة تحاول خلالها أنت القارئ التعرف على تشكيلات نص فيه فرح وافتقاد، بكاء وحنين لأشياء كثيرة سقطت في زحمة الحياة.
قبل ان يجمعني معها هذا الحوار التقينا عبر الماسنجر مرات ومرات، وان كنت التقيت مع نصها الشعري قبل ذلك فتكونت بيننا علاقة صداقة .
قصيدة رشا عمران تحكي تجربتها مع الحياة والسفر والحب وحكايا الأصدقاء.
صدر لرشا عمران : *وجع له شكل الحياة.
* كأن منفاي جسدي.
* ظلك الممتد في أقصى حنيني.
* كجدار بلا نوافذ.
الشعر والكتابة
* لماذا تكتبين ؟
_ كثيرا ما سألت نفسي هل أنا أكتب بحثا عن توازن ما أم اكتب لأن الشعر يحقق لي عالمي المختلف أم أكتب لأن في فعل الكتابة متعة آسرة و أنا المرأة الغريزية التي ترى أن الحل الوحيد لنسيان كم هي الحياة قصيرة هو التمتع بكل لحظة تعبر ؟؟ ظننت لفترات أن الشعر قد يصالحني مع الموت و لكنني اكتشفت أنني غير معنية بان يبقى ما أكتبه مادمت أنا سأغادر نحو ذلك المجهول الذي يحاول الجميع تجنبه بلا طائل ،، ذلك المرعب الذي لم يهزمه بشري .. ليبق ،، رائع إذا بقي ، و لكن بقائي إنا هو الأهم لي ،، و هذا طبعا ضرب من الوهم فقط لا أكثر و لا اقل ،،،، أكتب لأنني أعرف أن الشعر هو الوحيد القادر على حمايتي من نفسي ، من كآبتي ، من أزماتي ، من اقترابي من منطقة الانتحار التي اعتقد أنها موجودة في مكان خفي في الدماغ البشري و تتحين فرصتها للظهور ،، في هذا أيضا طالما تساءلت : لماذا ينتحر الشعراء ؟؟؟!!!!!!!.
* القصيدة اليوم تبحث عن تميزها ، ان تكون مغامرة ، تحمل نبض حياة جديدة في كل لحظة كتابة وكأنها تسعى إلى قطع علاقتها بكل ما حولها . كيف يمكن ان تعيش مثل هذه قصيدة في عالم متغير يقوم على تشابك علاقاته وتداخلها ؟
_ دعيني استخدم ( الشعر ) بدل ( القصيدة) .. الشعر الحقيقي هو الذي يطلع من الروح ، من اللاوعي ، من المناطق الغامضة في النفس ، هذا اللاوعي شكلته الهزيمة الأولى للإنسانية أقصد بها الموت ثم أعاد صياغته تراكم التفاصيل السوداء و البيضاء منذ الطفولة ثم استطاعت المعرفة و التجربة و الخبرة الشخصية و الجمعية إخفاءه مؤقتا و حين يظهر هذا اللاوعي فجأة فإن ظهوره هو مغامرة بحد ذاته ، الشعر أرقى حالات هذه المغامرة و لكنها مغامرة غير منعزلة عما حولها ، فالحاضر هو امتداد لما قبل و استمرار له بوعي معرفي جديد ،ليس دائما هذا الجديد أفضل هو يفترض ان يكون أكثر نضجا و تطورا و لكنه في حالتنا العربية على الأقل ليس هكذا ، إذا الشعر هو جزء من هذه الحالة به ما بها و إلا
لا يمكن أن يكون حقيقيا و الشعر الذي يعيش هو الشعر الحقيقي فقط .
أحيانًا/ شعرتُ أن وجهكَ/ لا يكفيني/ فكَّرتُ بكَ/ موتي الساخر بلا ملامح.
ما الذي أردتُه وأنا أدخل معكَ/ تلك العاصفة؟!/ كنتُ/ كَمَنْ يوقِف خديعة الحياة .
* في نصوص ديوانك ” ظلك الممتد في أقصى حنيني ” حضور كبير لثنائية الموت والحب ، العزلة والحنين ، الحضور والغياب .كشاعرة كيف تنظرين لهذه المسألة ؟ والى أي مدى يشاركك نصك هواجسك وتساؤلاتك ؟
_لا شيء يتحقق بالكامل ، دائما هناك نقصان ما، دائما هناك فقد بالمعنى المادي و الروحي الحب هو صورة أخرى لثنائية الموت و الحياة ما من حب جميل يستمر طويلا هو محكوم منذ بدايته بالبتر .
يبدأ الحب ثم يعيش زمنا ما طال أو قصر، ثم سينتهي تماما كالحياة هذا الشرط يضع الكائن في مواجهة وحشة وجودية مريرة ، هذه الوحشة تمنع عنه التآلف و الانتماء و سينحاز حتما إلى عزلته، لكن رغبة العيش التي لديه تخلق له وسائل البقاء ، الحنين إحدى هذه الوسائل ليس ( النوستالجيا) بل الحنين بمعناه الكوني ، الحنين الذي يبعد عن روحه الجفاف النوستالجيا تزيد عزلة الكائن ، الحنين يأخذه نحو مالم يتحقق لديه بعد و يغريه باكتشاف ما لم يعرف بعد .
الاكتشاف هو ماء الحياة ، الشعر ساحر و بهلوان ، يعرف كيف يواري و كيف يظهر يعرف أهمية هذه الثنائيات ، يعرف كيف يهيئ أدواته في رحلة الكشف و الاختبار .
الشعر قناص ماهر فجأة يدخل ذات الشاعر في لحظة شديدة الخصوصية ويفتح خزائنها المغلقة ثم يبدأ بإفراغها ليعيد ترتيبها لاحقا بعد استراحة قصيرة .
* في ديوانك ” معطف أحمر ” قدمت تجربة مختلفة عن “وجع له شكل الحياة ” و ” كأن منفاي جسدي ” هل لتجاربك ، إطلاعك ، ذاكرتك ، متغيرات الحياة علاقة بالموضوع ؟ ما الذي على نصك ان يقوله الآن وما الذي علي نصك ان يسمعه ؟
_ ما من كتابة تستمر و تتطور إذا لم ترفد بالثقافة و أعتقد ان هذه إحدى بديهيات الكتابة
و لكن هل الثقافة موجودة فقط بالكتب ؟!! ثمة ثقافة أخرى هي ثقافة الحياة ، ثقافة اليومي،ثقافة المعاش، أنا شخصيا و منذ مدة طويلة لم تعد الكتب وحدها مسقى ثقافتي ،
لم تعد عندي الرغبة اليومية بالقراءة و قراءاتي صارت انتقائية بطريقة أراها مزعجة لي أحيانا . ثقافتي حاليا مصدرها تجاربي في الحياة ، تجاربي في الصداقة ، تجاربي في الحب ، في السفر ، في معرفة بلدان جديدة و معرفة أشخاص جدد و معرفة ثقافات جديدة كل هذا مصادر للثقافة .
الحوارات المختلفة بين البشر مصدر للثقافة أنا من القائلين أن أية علاقة مع أي كائن و من أي نوع إن لم يتحقق فيها شرطان المتعة و الفائدة العقلية و الروحية ، فعدم وجودها أفضل لأنها تصبح نوعا من التسلية المجانية الفائدة التي أتحدث عنها هي بالنسبة لي حاليا مصدر مهم لرفد نصي الشعري تراكم كل هذا أقصد القراءة و التجارب على تنوعها و اختلافها يصبح جزءا مني و يحتل مساحة كبيرة من ذاكرتي التي ترفد يوميا بالجديد ، أحيانا أعتقد أن ثمة (غربال) في ذاكرتي يفرز ما يناسبني و يتخلص مما يزعجني بهذا المعنى الذاكرة تشبه صاحبها ، ذاكرتي أيضا أصبحت انتقائية ، ذائقتي أيضا نصي يجب أن يختزل كل هذا و يقوله يجب أن يتماهى معي ، أن يشبهني ، إن لم يشبهني فثمة مشكلة في العلاقة بيني بينه يجب أن يشبهني لا أن يشبه نفسه .
بمعنى آخر أنا امرأة متغيرة دائما ،أنا غير يقينية لهذا أنا دائمة القلق ، القلق هو ما يجعلني أغير قناعاتي ورؤيتي للعالم وفهمي للشعر و للكتابة ، نصي يجب أن يشبهني بكل مرحلة تغيير لا أن يشبه ما قبله أنا المنتجة للنص و ليس هو من ينتجني لذلك عليه هو أن يتبعني و عليه أن ينتبه لكل ما تجذبه ذائقتي لها . أعتقد أحيانا أن نصي مملوء حتى الثمالة بما قاله الآخرون و مع ذلك هو لا يشبه أحدا أبدا هو حصيلة كل ما قرأته وما عرفته و ما سمعته و لكنه مني ، يحمل مورثاتي ، له نفس جيناتي التي تجعله قلقا و مجنونا و هادئا و مستوحشا و غاضبا و عاشقا و راضيا مثلي .
ليس من اسم لهذا المكان /لا ملامح واضحة /ولا أثر لملمس أو خطوات / الفراغ فقط بقبضته الماردة/ يشدني إليه .
* من يقرأ رشا عمران يكتشف رغبتها في عدم إهمال تفاصيل حياة أمكنة وتراب وأشخاص مروا وأشياء كثيرة. ماذا تقولين ؟
_ تذهلني التفاصيل تلك التي قلما ينتبه إليها احد ،الحياة عموما مؤلفة من تجمع هذه التفاصيل ،هذه التفاصيل هي التي تمنح خصوصية الكائنات و خصوصية الأمكنة ،التفاصيل هي الملامح ،مكان بلا ملامح هو مكان مجرد ، شخص بلا ملامح هو مجرد شخص أيضا . والشعر حسب ما أراه هو عكس المجرد و ضده ، الشعر انحياز كامل للخصوصية ، يقضي وقته بالبحث عنها رافضا كل ما هو عام و كل ما هو شائع و كل ما هو رديف للمعتاد .
أنا المرأة التي اسمها رشا ، شكلتني التفاصيل التي أعطتني جيناتي ، و أنا أيضا ، الشاعرة التي اسمها رشا عمران التفاصيل هي من كونت ذائقتي و وعيي و ثقافتي كيف سأهملها في نصي الشعري إذا كنت أدعي أن نصي يشبهني ؟؟!!.
*عم يبحث الكاتب إذا لم يكن يبحث عن نفسه في الكتابة ؟ وهل تتفقين مع الرأي ان العمل الإبداعي ليس محض خيال ؟
_ لا اعرف من قال في القديم أن ( أعذب الشعر أكذبه ) الكذب هنا ليس الكتابة عما هو غير حقيقي أو عما هو مجرد وهم خالص و لا هو ادعاء ما ليس موجودا بالأساس ، بل هو إنتاج علاقات لغوية جديدة تشكل في تركيبها الجديد ما يشبه الخيال إذاً الكذب يكون في التخييل الشعري أو الإبداعي و لكن من أين سيأتي هذا العمل الذي سيشتغل عليه الخيال ؟؟ أليس من الواقع من أين ستأتي فكرة هذا العمل أو ذاك ؟؟ من الواقع حتما ،إذاً من يكتب هو يكتب نفسه أولا ومن يقرأ هذه الكتابة سيجد نفسه فيها أيضا .
ثمة أشياء مشتركة كثيرة بين البشر و هذه ستظهر في كل الكتابات ،عن نفسي أقول دائما أنني أضع حياتي على الطاولة و أنا اكتب , اغرف منها و أنثر ما غرفته فوق الورق الأبيض ، ما يعلق على بياض الورقة هذا هو الشعر .
عالمي بلا تعصب
* مما يتشكل العالم الذي تحلمين به ؟
_هو على الأقل عالم بلا قتل، بلا دماء، بلا استعراض للقوة ، بلا حقد مريض ،بلا تعصب لا ديني و لا طائفي ولاعرقي ولاعقائدي ولا من أي نوع… مشكلة العالم الحالية هي بالتعصب ، التعصب هو الذي أوصل العالم إلى ما هو فيه من بشاعة ، التعصب يجعل صاحبه يظن أنه المالك الوحيد و الحصري للحقيقة والآخرون أغبياء ومرتدون لأنهم لا يعتقدون بالحقيقة التي يعرضها هذا المالك و بالتالي هم حتما أعداء والعدو يقتل ،أمريكا فعلت هذا ،الجماعات المتطرفة في العالمين الإسلامي و المسيحي فعلت هذا ، هكذا أحلم أن يكون العالم ، عالم بلا تعصب ، بلا قتل ، بلا أجساد شوهها الحقد ، بلا جوع ، بلا خوف ،بلا أطفال تستخدم لتحقيق مآرب قذرة ، عالم خال من كل هذا ، هو عالم جميل و مشتهى .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى